أمثلة واقعية رائعة حول مجزوءة الوضع البشري الشخص، الغير، التاريخ

أمثلة واقعية رائعة حول مجزوءة الوضع البشري الشخص، الغير، التاريخ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أعزائي التلاميذ عزيزاتي التلميذات نضع بين أيديكم ملخص رائع لجميع الأمثلة الواقعة لمجزوءة الوضع البشري بجميع مفاهيمها ومحاورها والجميل أنها معززة بحجة السلطةلكي تسهل عليكم تدعيم السؤال الفلسفي والقولة الفلسفية في الامتحان الوطني. 

أمثلة واقعية رائعة حول مجزوء ةالوضع البشري
أمثلة واقعية معززة بحجج فلسفية حول مجزوءة الوضع البشري 

مقدمة: أهمية الأمثلة الواقعية في مجزوءة الوضع البشري

تلاميذنا الأعزاء، تلميذاتنا الكريمات ، في درسنا اليوم نقدم لكم مجموعة مميزة وبسيطة من الأمثلة الواقعية المتعلقة بمجزوءة الوضع البشري، والتي تغطي جميع مفاهيمها الأساسية الثلاث: الشخص ، الغير ، والتاريخ. 

تهدف هذه الأمثلة إلى تعزيز فهمكم العميق للمجموعة المفاهيمية، كما ستسهل عليكم توظيفها بشكل فعّال لدعم وتحليل أطروحات السؤال الفلسفي والقولة  الفلسفية المطروحة، مما يعزز قدرتكم على بناء حجج متماسكة ووافية في ميدان الفلسفة.


☆أمثلة من الواقع معززة بحج فلسفية حول مفهوم الشخص 

أمثلة المحور الأول :الشخص والهوية

1●- هوية الشخص تتأسس على الفكر :

تتجلى هوية الشخص الحقيقية في قدرته على التفكير العقلاني واتخاذ القرارات المستقلة، كما يتضح في تجربة العالم العظيم ألبرت أينشتاين، الذي بفضل تفكيره العميق وتحليله المستقل استطاع أن يغير مفاهيم الفيزياء الكلاسيكية بنظريته النسبية، مؤكدًا أن الإنسان لا يُعرف إلا من خلال فكره. 

وهذا الطرح يدعمه الفيلسوف رينيه ديكارت الذي أكد في قاعدته الشهيرة "أنا أفكر، إذن أنا موجود" أن الفكر هو الأساس الذي تقوم عليه هوية الإنسان ووجوده، فلا يكون الإنسان شخصًا كاملاً إلا بوجود هذا النشاط العقلي الذي يميزه عن سائر الكائنات.

2- هوية الشخص تتؤسس على الحواس والشعور والذاكرة :

تتأسس هوية الشخص بشكل جوهري على تفاعله مع العالم من خلال حواسه، شعوره، وذاكرته، وهو ما يتضح في تجربة ضحية فقدان الذاكرة، مثل الحالة الشهيرة للمريض "هنري موليسون" الذي فقد ذاكرته القصيرة المدى لكنه استمر في التعرف على أحاسيسه ومشاعره، مما أظهر أن الهوية ليست مجرد معلومات عقلية بحتة، بل هي علاقة متكاملة بين الحواس والشعور والذاكرة.

 هذا الرأي يؤيده الفيلسوف جون لوك الذي أكد في نظريته أن الهوية الشخصية تستند إلى الذاكرة والوعي الذاتي، معتبرًا أن استمرار الذاكرة هو الذي يربط بين مختلف مراحل حياة الإنسان، كما يؤكد عالم النفس ويليام جيمس أن الشعور والتجربة الحسية تشكلان جزءًا لا يتجزأ من إدراك الذات وهويتها، مما يبرز أهمية الحواس والمشاعر في بناء الهوية الشخصية.

3- الهوية تتأسس على الإرادة

في الواقع تتجلى فكرة أن الهوية تتأسس على الإرادة من خلال قصة نيلسون مانديلا ، الذي رغم سنوات سجنه الطويلة ظل متمسكاً بإرادته القوية في مقاومة نظام الفصل العنصري، مُشكلاً بذلك هويته كشخص مناضل من أجل الحرية والكرامة.

 إن إرادته الثابتة كانت هي الأساس الذي بنى عليه هويته وأعاد بها تعريف نفسه كشخص حر وقائد ملهم لشعبه.

وهو ما يؤكد الفيلسوف جان بول سارتر، مؤسس الوجودية، أن الإنسان هو "محكوم عليه بالحرية"، أي أنه يصنع ذاته بإرادته واختياراته، مما يعني أن الهوية ليست مُحددة مسبقاً بل تُبنى عبر الإرادة الحرة للفرد. وهذا يبرهن أن الإرادة هي القوة المحركة التي تحدد هوية الإنسان بشكل أساسي**.**

أمثلة المحور الثاني : الشخص بوصفه قيمة

يستمد الشخص قيمتهه من عقله الأخلاقي العملي

تُستمد قيمة الشخص من عقله الأخلاقي العملي الذي يجعله يتصرف انطلاقًا من مبادئ الواجب والخير، لا من منطلق المصلحة أو المنفعة. ويتضح ذلك من خلال نماذج واقعية بارزة، مثل نيلسون مانديلا الذي، رغم سجنه لسنوات طويلة، اختار طريق المصالحة والتسامح بدل الانتقام، مما جعله رمزًا عالميًا للسلام والكرامة. 

وكذلك الأم تيريزا التي نذرت حياتها لمساعدة الفقراء والمرضى، دون انتظار مقابل، وكان دافعها الأساسي هو حسها الأخلاقي العميق.  

وهذا ما يؤكده إيمانويل كانط حين اعتبر أن قيمة الشخص لا تُختزل في نتائجه أو منفعته، بل في إرادته الأخلاقية الحرة التي تصدر عن العقل العملي، فالعقل الأخلاقي هو ما يمنح الإنسان قيمته الحقيقية، لأنه يُوجّه الفعل نحو ما يجب القيام به، لا ما يُرغب فيه.

●الشخص قيمته تتحدد من خلال  الإنفتاح على الغير :

قيمة الشخص لا تُبنى في العزلة، بل تتحدد من خلال انفتاحه على الآخرين وتفاعله معهم، فالإنسان في جوهره كائن اجتماعي يحتاج إلى الأخرين لفهم ذاته وتحقيق قيمته.

 بحيت نرى ذلك بوضوح في تجربة المهاتما غاندي، الذي جعل من الحوار   مع الآخر وسيلة لتحقيق السلام، فكان انفتاحه على مختلف الديانات والثقافات أحد أسرار نجاحه وقيمته الإنسانية،وكذلك نجد مالكوم إكس، الذي بعد رحلة حجّه وتعرفه على المسلمين من مختلف الأجناس، أعاد النظر في مواقفه العنصرية وأصبح يدعو إلى التعايش بين الجميع، مما زاد من احترام الناس له وأعطى لفكره بُعدًا إنسانيًا أوسع. 

 هذه النماذج الواقعية يزكيها موقف الفيلسوف غوسدورف، الذي يرى أن الشخص لا يمكن أن يُحقق ذاته إلا في إطار علاقة مع الغير، لأن فهم الذات لا يكتمل إلا من خلال الانفتاح على الآخر، باعتباره مرآة تساعدنا على إدراك حقيقتنا. وبالتالي، فالقيمة الحقيقية للشخص تتجلى حين ينفتح على الآخر ويؤسس لوجوده من خلال الحوار والتفاهم.

يستمد الشخص قيمته من المجتمع

يستمد الشخص قيمته من المجتمع لأنه لا يعيش في عزلة، بل يتكوّن ويتطوّر داخل إطار اجتماعي يمنحه الهوية والمكانة. فمثلًا، المعلم يحظى بقيمة واحترام في مجتمع يقدّر التعليم، بينما قد يُهمّش في مجتمع لا يعطي للمعرفة وزنًا. والمرأة تُحقق ذاتها أكثر في المجتمعات التي تؤمن بالمساواة وهو مايؤكده الفيلسوف إميل دوركايم في قوله أن الفرد لا يوجد إلا داخل المجتمع، وأن القيم التي تُحدد مكانته تُكتسب من خلال التفاعل الاجتماعي، لا من خلال العزلة لذلك فالمجتمع هو من يمنح الشخص قيمته الحقيقية.


أمثلة المحور الثالث : الشخص بين الضرورة والحرية

الشخص له حرية مطلقة ومسؤول عن أفعاله.

الشخص يتمتع بحرية الإرادة وهو مسؤول عن أفعاله واختياراته، وهذا ما نلمسه في الواقع من خلال نماذج لأشخاص اتخذوا قرارات حاسمة عن وعي كامل بعواقبها.

 فمثلاً، إدوارد سنودن اختار تسريب معلومات سرية عن التجسس الرقمي بدافع أخلاقي، رغم إدراكه للعقوبات التي قد تترتب على فعله، مما يجعله مثالًا على تحمّل المسؤولية الناتجة عن الحرية.  ونفس الشيء ينطبق على نيلسون مانديلا، الذي اختار النضال السلمي ضد نظام الفصل العنصري رغم التهديدات معبرًا بذلك عن التزامه بقيم يؤمن بها. 

ويزكي الفيلسوف جان بول سارتر هذا الموقف حين يؤكد أن "الإنسان محكوم عليه أن يكون حرًّا"، أي أنه لا يمكنه التهرب من مسؤوليته، لأن حريته تُلزمه باختياراته وتُحمّله نتائج أفعاله.

الشخص محكوم بالضرورة (الشخص ليس حرا)

الشخص ليس حرًا بشكل مطلق، بل يخضع لضرورات كثيرة تفرضها البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيش فيها فمثلاً، قد يضطر شاب نشأ في أسرة فقيرة إلى ترك الدراسة والعمل مبكرًا ليس بسبب اختياره الحر، بل نتيجة للظروف التي تحكم حياته.

وهو مايؤكده الفيلسوف باروخ سبينوزا حيث يرى أن الإنسان جزء من الطبيعة، وأفعاله ليست نابعة من حرية مطلقة، بل تتأثر بدوافع وأسباب خارجية تحكم سلوكه.  لذلك لا تكون الحرية الحقيقية في غياب الضرورة، بل في فهمها والتأقلم معها، مما يعني أن حرية الشخص محدودة ومحكومة بعدة شروط لا يستطيع تجاوزها بسهولة.

● الشخص له حرية مشروطة

يمتلك الشخص حرية مشروطة لا تعني التحرر التام من القيود ، بل ترتبط بالظروف والقوانين التي تحكم سلوكه فمثلاً، السائق حر في اختيار وجهته وكيفية قيادته ، لكنه ملتزم بقوانين المرور التي تهدف إلى حماية الجميع ، مما يبرز أن حريته مقيدة بشروط ضرورية. 

  وكذلك الفنان حر في التعبير عن أفكاره، لكنه يتأثر بالمعايير الثقافية والاجتماعية التي تحدد حدود هذا التعبير ، وهو مايزكيها إيمانويل كانط أن الحرية الحقيقية تكمن في التصرف وفقًا للقانون الأخلاقي الذي يضعه الإنسان لنفسه، أي أن حرية الفرد مشروطة بالالتزام بالواجب والمسؤولية. من هنا، تتضح أن الحرية ليست مطلقة، بل مشروطة بضوابط تحافظ على النظام والعدالة في المجتمع. 

أمثلة من الواقع حول المفهوم الثاني الذي هو مفهوم الغير

أمثلة من الواقع حول المحور الأول: وجود الغير

وجود الغير ضروري لوجود الأنا : 

وجود الغير ضروري لوجود الأنا، بحيث لا يمكن للإنسان أن يدرك ذاته أو يكون هويته بمعزل عن وجود الغير من حوله. 

فمثلاً، يبدأ الطفل في التعرف على نفسه وهويته من خلال تفاعلاته مع أهله وأصدقائه، حيث تنعكس ردود أفعالهم عليه وتشكل وعيه الذاتي. هذا التفاعل الاجتماعي يؤكد أن وجود الآخرين ليس مجرد ظرف، بل شرط أساسي لظهور الأنا وتحديدها.

 ومن هنا يقول الفيلسوف هيغل: "الوعي بالذات لا يتحقق إلا من خلال اعتراف الغير". إذًا، إن وجود الغير ضروري لوجود الأنا، لأنه عبر هذا الاعتراف المتبادل تتشكل هوية الإنسان وتكتسب معناها.

وجود الغير غير ضروري لوجود الأنا : 

يمكن أن نرى أن وجود الغير ليس ضروريًا لوجود الأنا من خلال تجربة شخص يعيش فترة في عزلة، مثل راهب يقضي سنوات في التأمل بمفرده في دير بعيد، فرغم بعده عن الناس، يظل واعيًا لذاته ويعيش وعيه الشخصي بعمق، مما يثبت أن الأنا لا تحتاج بالضرورة لوجود الغير لتتكون. 

  وهذا ما أكده الفيلسوف رينيه ديكارت بقوله: "أنا أفكر، إذًا أنا موجود"، مشيرًا إلى أن الوعي بالذات يبدأ من داخل الفرد نفسه، وليس من خلال الآخرين

●أمثلة من الواقع حول المحور الثاني معرفة الغير

إن معرفة الغير ليست أمراً مستحيلاً كما قد يبدو، بل هي ممكنة، مادام الإنسان كائناً ناطقاً ومنفتحاً على الآخرين عبر اللغة والسلوك والتعبير الوجداني، فالغير لا يعيش في عزلة تامة بل يكشف عن ذاته من خلال مواقفه وانفعالاته وتفاعلاته اليومية.  ويظهر ذلك بجلاء في العلاقة بين الطبيب النفسي ومريضه، حيث يستطيع الطبيب – بفعل الاستماع والتفاعل والتعاطف – أن يدرك المعاناة النفسية للمريض حتى دون أن يُصرّح بها هذا الأخير.  وهذا ما يؤكده الفيلسوف الألماني كارل ياسبرز حين يرى أن "الفهم التعاطفي" يشكل الوسيلة التي بفضلها تستطيع الذات أن تتجاوز ظاهر الغير لتلامس باطنه، من خلال المشاركة الوجدانية والقدرة على التماهي مع تجربته. وهكذا، فإن التفاعل الإنساني الصادق يجعل من الغير ذاتاً قابلة للفهم، ويبرهن على أن معرفته، وإن لم تكن مطلقة، فإنها تظل ممكنة وقابلة للتحقق.

معرفة الغير مستحيلة

يبقى الغير في جوهره غامضاً ومستبعدين من أن تُدركه الذات إدراكاً كاملاً أو مطلقاً، إذ لا يمكن للإنسان أن يخوض تجربة وعي الغير بشكل مباشر فكل معرفة به تظل معرفته عبر وسيط غير كافٍ يكبح عمق الغيرية. 

 فعلى سبيل المثال، لا يستطيع الأب أن يعلم بدقة ما يجول في ذهن ابنه مهما كان قربهما، إذ تبقى دواخل الآخر مسرحاً خاصاً لا يخترقه سوى صاحبه.

 وهو ما يؤكده الفيلسوف هوسرل حين أشار إلى أن "وعي الذات يظل منغلقاً على ذاته ولا يمكنه أن يتحول إلى وعي الغير بشكل مطلق"، مضيفاً أن الغيرية تشكل حدوداً لا يمكن تجاوزها في المعرفة، مما يجعل من معرفة الغير مستحيلة بشكل تام أو مطلق. ومن هنا، يظل الغير بعداً أعمق من أن تحتله المعرفة بشكل كامل، رغم محاولات التفاهم والتقارب.

●أمثلة من الواقع حول المحور الثالث العلاقة مع الغير

 العلاقة مع الغير تتأسس على الصداقة المحبة :

 تتأسس العلاقة مع الغير على قاعدة الصداقة والمحبة، إذ إن التفاعل الإنساني الحقيقي يقوم على الاحترام المتبادل والتواصل الوجداني الذي يتجاوز مجرد التبادل السطحي. 

  فمثلاً، نجد في علاقة الصديقين أن المحبة والوفاء يشكلان ركيزتين أساسيتين تسمحان لهما بفهم بعضهما البعض بعمق، وتجاوز الخلافات والاختلافات. 

  هذا ما يؤكده الفيلسوف اليوناني أفلاطون في محاورة "المأدبة"، حين يبرز أن المحبة هي القوة التي تجمع النفوس وتخلق تواصلاً روحياً يجعل من العلاقة بين الأفراد علاقة صداقة حقيقية تقوم على التآزر والمشاركة

كما توضح تجارب الحياة اليومية كيف أن المحبة الصادقة تُشعر الإنسان بالأمان والقبول داخل العلاقة، مما يعمق رابطة الارتباط بالغير ويؤسس لعلاقة إنسانية متينة قائمة على الفهم والدعم المتبادل..

العلاقة مع الغير تتأسس على الصراع والعداء :

 - تُظهر تجارب الواقع أن العلاقة مع الغير كثيراً ما تتأسس على الصراع والعداء، حيث تتباين المصالح وتتقاطع الإرادات، مما يولد توترات مستمرة بين الذات والآخر.  فعلى سبيل المثال، في النزاعات السياسية بين الشعوب تتصارع الأطراف على السلطة والموارد مما يؤكد أن التفاهم والمحبة ليسا بالضرورة الأساس الوحيد للعلاقات الإنسانية، بل الصراع قد يكون الحامل الفعلي للعلاقات الاجتماعية والسياسية.  ويعزز هذا الطرح الفيلسوف الألماني جورج هيغل في فلسفته الجدلية حين يرى أن "الصراع هو المحرك الأساسي للتاريخ والتطور، وأن التفاعل مع الغير يتخذ شكلاً من أشكال الصراع الذي يؤدي إلى الوعي بالذات والآخر"، مما يبرز أن العداء والتنازع ليسا مجرد ظواهر جانبية، بل جوهرية في طبيعة العلاقة مع الغير.


◇ أمثلة من الواقع حول المفهوم الثالث والأخير من مجزءة الوضع البشري مفهوم التاريخ

أمثلة من الواقع حول المحور الأول المعرفة التاريخية

المعرفة التاريخية تُعدّ معرفة موضوعية وعلمية تهدف إلى فهم الماضي بدقة وموضوعية. 

 يعتمد المؤرخون في دراستهم على جمع الأدلة والشواهد من مصادر موثوقة مثل الوثائق الرسمية والمخطوطات والشهادات، بعيدًا عن الانحياز أو التحيز الشخصي.

 فعلى سبيل المثال، عند تحليل أحداث الحرب العالمية الثانية، يجمع المؤرخون معلومات متعددة من مصادر مختلفة لضمان دقة الرؤية وصحة الوقائع كما حدثت بالفعل.  

وفي هذا الإطار يؤكد المؤرخ البريطاني إريك هوبزباوم أن "التاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو محاولة لفهم الماضي بناءً على أدلة موضوعية وتحليل علمي دقيق"، ما يبرز أهمية المنهج العلمي في دراسة التاريخ وتحقيق المعرفة الصحيحة بالماضي.

معرفة التاريخ معرفة موضوعية تتمثل من خلال العودة إلى الماضي الإنساني

المؤرخ يبني التاريخ الماضي بكل موضوعية وبدقة من خلال العودة إلى الوثائق السجلات والأرشيقات والمعاهدات و المرسالات و النقود ....... ومهمة المؤرخ هو جمع تلك الوثائق للتعرف على أحداث التاريخ بشكل متسلسل.

 المعرفة التاريخية تنطلق من ذاتية المؤرخ تبقى معرفة التاريخ تأويل

-رغم أن المعرفة التاريخية تسعى إلى أن تكون موضوعية وعلمية، إلا أنها تنطلق في النهاية من ذاتية المؤرخ التي تؤثر على تفسيره للأحداث، مما يجعلها نوعًا من التأويل للماضي.

 فعلى سبيل المثال، عند دراسة الثورة الروسية، يركز بعض المؤرخين على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بينما يولي آخرون اهتمامًا أكبر للعوامل السياسية أو الأيديولوجية، مما يؤدي إلى تعدد الروايات والتفسيرات المختلفة.

  وفي هذا الإطار يؤكد المؤرخ الألماني هاينريش فون تريتشل أن "لا يوجد تاريخ موضوعي خالص، فكل كتابة للتاريخ هي تأويل يعتمد على رؤية المؤرخ وإطاره الفكري"، وهذا يبرز أن التاريخ ليس مجرد سرد لحقائق ثابتة، بل هو قراءة متجددة للأحداث تعكس ذاتية الباحث رغم محاولاته للموضوعية.

 التاريخ معرفة علمية يعتمد على التعليل والحكمة وليس مجرد سرد للأحداث

- التاريخ هو معرفة علمية تقوم على التعليل والحكمة، وليس مجرد سرد متسلسل للأحداث. فعلى سبيل المثال، عند دراسة سقوط الإمبراطورية الرومانية، لا يكتفي المؤرخون بسرد الوقائع فقط، بل يبحثون في الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أدت إلى هذا السقوط محاولين فهم الروابط والتداعيات بعمق وتحليل منطقي.

  وفي هذا الإطار يؤكد المؤرخ الإنجليزي آرثر فيليبس أن "التاريخ ليس تسجيلًا للأحداث فحسب، بل هو تفسير مدروس يحاول كشف الأسباب والحكمة الكامنة وراء الوقائع"، مما يبرز الطبيعة العلمية للتاريخ كأداة لفهم الماضي بشكل شامل يساعدنا على استيعاب الحاضر واستشراف المستقبل بحكمة.

 التاريخ يتقدم بشكل مستمر وغير منقطع

- التاريخ يتقدم بشكل مستمر وغير منقطع، حيث تتراكم الأحداث والتجارب الإنسانية لتشكل مسارًا متواصلاً من التطور والتحول عبر الزمن. 

 فمثلاً، نرى تطور حقوق الإنسان بدءًا من إعلان حقوق الإنسان في الثورة الفرنسية عام 1789، مرورًا بحركات التحرر والحقوق المدنية في القرن العشرين، ووصولًا إلى القوانين الدولية الحديثة التي تحمي هذه الحقوق،هذا التطور المتسلسل يعكس كيف أن التاريخ لا يتوقف، بل يبني كل مرحلة على ما سبقها لتحقيق تقدم مستدام.  

وفي هذا السياق، يؤكد الفيلسوف هيغل أن "التاريخ هو حركة الروح نحو الحرية، وهو تقدم مستمر لا يعرف التوقف"، مما يبرز التاريخ كعملية دائمة ومتواصلة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف الإنسان والمجتمع. 

المحور الثاني: التاريخ وفكرة التقدم 

● التاريخ يتقدم بشكل فجائي وتحكمه الصدفة

التاريخ كثيرًا ما يتقدم بشكل فجائي، حيث تلعب الصدفة دورًا حاسمًا في تغيير مجراه بشكل غير متوقع. 

 مثال ذلك حادثة اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند في عام 1914، التي كانت سببًا مباشرًا في اندلاع الحرب العالمية الأولى، رغم أن هذا الحدث كان عفويًا وغير متوقع، لكنه أدى إلى تحولات ضخمة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

 في هذا السياق، يشير المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي إلى أن "التاريخ ليس سلسلة حتمية من الأحداث، بل هو متقلب وغير متوقع، وتتدخل الصدف لتحدث تغيرات مفاجئة وجذرية"، مما يبرز كيف أن الصدفة يمكن أن تكون عاملاً مؤثرًا في تقدم التاريخ وتحوله. 

التاريخ يتقدم بشكل تراجعي للخلف

- إن التاريخ يتقدم ولكن بشكل تراجعي للخلف ، و هذا يظهر بتراجع الدولة العباسية وتراجع واختفاء الامبراطورية العتمانية ، وتراجع الاتحاد السوفياتي وتفكيكه وهذا دليل على أن التاريخ لايتقدم دائما بشكل مستمر بل في بعض الأحيان يكون تقدمه للخلف .

 ◇المحور الثالث دور الإنسان في التاريخ

الإنسان هو الذي يصنع التاريخ 

الإنسان هو الفاعل الأساسي في صنع التاريخ، حيث تتحقق الأحداث وتتغير مجريات الحياة بفعل قراراته وأفعاله وتفاعلاته مع المحيط.  فعلى سبيل المثال، كانت الثورة الصناعية نتاجًا لإبداع الإنسان وتطوره في مجالات العلوم والتكنولوجيا، مما غيّر وجه المجتمعات وسبل عيشها بشكل جذري. 

 وهذا يوضح أن التاريخ ليس مجرد حوادث تحدث تلقائيًا، بل هو نتيجة لعمل الإنسان وتفاعله المستمر مع الظروف. 

 في هذا الصدد، يقول الفيلسوف الألماني جورج هيغل: "التاريخ هو تقدم الروح الحرة التي تتحقق من خلال أفعال الإنسان"، مما يعكس دور الإنسان كمحرك أساسي لصيرورة التاريخ وتحقيق التغيير.

الإنسان وسيلة في يد التاريخ

-التاريخ يتحكم في الإنسان بمعنى أن الأحداث والتجارب التاريخية تشكل وعيه وسلوكه وتؤثر بشكل عميق على خياراته في الحاضر والمستقبل.  فعلى سبيل المثال، بعد الحروب العالمية، تغيرت نظرة الشعوب إلى قيم السلام والديمقراطية، مما أدى إلى إعادة بناء المجتمعات والمؤسسات السياسية استنادًا إلى دروس الماضي وخبراته.  

وفي هذا الإطار، يؤكد المؤرخ الفرنسي مارك بلوخ أن "الإنسان لا يصنع التاريخ في فراغ، بل التاريخ نفسه يحدد شروط وجوده وتصرفاته"، مما يبرز أن التاريخ ليس مجرد خلفية للأحداث، بل هو قوة فاعلة تحدد هوية الإنسان وتوجهاته عبر الزمن.


 عماد الدين زهير
عماد الدين زهير
من هو عماد الدين؟ عماد الدين، مدون مغربي ومؤسس موقع نديروا اليد فاليد من أجل الحصول على البكالوريا، حاصل على شهادة البكالوريا في شعبة الآداب والعلوم الإنسانية سنة 2015، كما نال شهادة الإجازة في القانون الخاص. جاءت فكرة تأسيس هذا الموقع من إيماني العميق بأهمية التضامن المعرفي، وسعيًا لمد يد العون لتلاميذ البكالوريا، عبر تقديم محتوى تعليمي يُسهم في تمكينهم من النجاح والتفوق الدراسي.
تعليقات