تصحيخ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ 2014 ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻧﺴﺎﻧﻴﺔ - ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ - ﻧﺺ ﻧﻈﺮﻱ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ : ﺍﻋﺪﺍﺩ ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻭﺍﺩﻱ
تصحيخ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ 2014 ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻧﺴﺎﻧﻴﺔ - ﺍﻟﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ - ﻧﺺ ﻧﻈﺮﻱ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﻄﻮﺭﻩ ﻣﺘﺠﺎﻭﺯﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺧﻄﺎﺏ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﻬﺘﻢ ﺑﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ، ﻭ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻐﻤﺲ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﻭ ﺍﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﻬﻤﻮﻡ ﺍﻟﺬﺍﺕ ،ﺇﺫ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻮﺟﺔ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺍﺗﺨﺬﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻪ ﺷﻌﺎﺭ ﻟﻬﺎ ، ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻈﺮﻭﻑ ﻭ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ، ﻓﻨﻜﺒﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ 1948 ﻭ ﻣﺎ ﺗﻼﻫﺎ ﻣﻦ ﻫﺰﺍﺋﻢ ﻫﺰﺕ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ، ﻭ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺷﻌﺮﻱ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺮﺍﻋﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻋﺼﺮﻩ ،ﻣﺴﺘﻔﻴﺪﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻧﻔﺘﺎﺣﻪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﻓﺪ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ . ﻓﺘﻤﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﻄﺮﻳﻦ ﻭ ﺗﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻘﻮﺍﻓﻲ ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ،ﻭ ﺃﺑﺪﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﻣﺼﻴﺮ ﺃﻣﺘﻪ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﻭ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ . ﻭ ﺣﻈﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭ ﻟﻔﺘﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﻟﺠﺪﺓ ﻣﻘﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻧﻴﺔ . ﻭ ﻳﻌﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺯﻛﻲ ﺍﻟﻌﺸﻤﺎﻭﻱ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮﻳﻦ ﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ .
ﻭ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻟﻴﺔ " ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺼﻠﺢ ".. ﻭ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻣﺼﻄﻠﺢ " ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ " ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ ﻭ ﺗﻈﺎﻓﺮ ﻣﺸﻴﺮﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻄﺒﺎﻋﻲ ﻟﻠﻨﺺ ﻭ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﻧﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺳﻴﺪﺭﺱ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ .
ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺ ؟
ﻭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻬﺎ؟
ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭ ﺍﻻﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﻤﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻟﻌﺮﺽ ﻗﻀﻴﺘﻪ؟
ﺗﻜﻤﻦ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻨﺺ ﻓﻲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺍﻟﻤﻘﻮﻣﺎﻥ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻭ ﺭﺻﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ، ﻭﺗﺘﻔﺮﻉ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻋﺪﺓ : ﺇﺫ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﺘﺄﻛﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻟﻴﺒﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﻮﺭ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻭ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﻞ ﺗﻤﻴﺰﻩ ﺑﻨﻴﺔ ﺇﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ، ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻔﻴﺾ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭﻱ . ﻭ ﺍﺗﺴﻤﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ، ﻣﻘﺎﺭﻧﺎ ﺑﻴﻦ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ ﻭ ﺍﻟﻤﺠﺪﺩﻳﻦ . ﻭ ﺃﺑﺪﻯ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺍﻋﺘﺰﺍﺯﻩ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﻬﺎ .
ﻭ ﻳﺮﺻﺪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻫﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻣﺮﻛﺰﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، ﻓﻴﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻲ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺒﺤﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻴﻞ ﻭ ﻳﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﺘﻮﻇﻴﻔﻪ ﻷﺳﻄﺮ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺗﻤﺎﺷﻴﺎ ﻣﻊ ﺍﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻪ ،ﻭ ﻣﺎ ﻳﻌﺰﺯ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻫﻮ ﺣﺮﻛﻴﺔ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ .
ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﻓﻬﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ، ﺗﺘﺮﻙ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﻕ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﺄﺛﺮﻩ ﺑﺮﻭﺍﻓﺪ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺳﻊ ﺁﻓﺎﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ . ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﺚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ، ﻭ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻓﺎﺗﺮﺓ ﻭﺍﻫﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺷﻜﻞ ﺗﻌﺎﺭﺿﺎ ﺣﺎﺩﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺛﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﺠﺄ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺟﻬﺎﺯ ﻣﺼﻄﻠﺤﻲ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻭ ﺁﺧﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻓﺎﺕ .
ﻭ ﻟﻌﺮﺽ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻭﻇﻒ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﺍﺳﺘﺪﻻﻟﻴﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺪﺭ ﺣﻜﻤﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻌﺪﻡ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻟﻴﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﻴﺎﻥ ﻣﻼﻣﺢ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﻭﺻﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭ ﻭﺻﻮﻻ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻟﻴﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺤﺮ ﻭ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽ ﺑﻬﺎ .
ﻭ ﺳﻌﻴﺎ ﻣﻨﻪ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﻗﻀﻴﺘﻪ ﻭ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻭ ﻇﻒ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻨﺺ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺤﺠﺎﺟﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ، ﺣﻴﺚ ﺭﺻﺪ ﻣﻜﺎﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻳﻘﺎﻋﺎ ،ﻭﺑﻼﻏﻴﺎ ،ﻭ ﻟﻐﻮﻳﺎ .
ﻭ ﻧﺠﺪ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺸﺮﺡ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ، ﺣﻴﺚ ﺃﺳﻬﺐ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﻭ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ . ﻧﺠﺪ ﺍﻳﻀﺎ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ( ﻛﺎﻟﺮﺟﺰ ﻭ ﺍﻟﺮﻣﻞ ﻭ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ .. ) ﻭ ﻛﺜﻒ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺪﺣﺾ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ " ﻭ ﻻ ﻳﺤﻮﺯ ﺍﻥ ﻧﺘﻮﺭﻁ ﻓﻲ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻋﺎﻣﺔ ".. ﻭ ﺍﻟﺤﺼﺮ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﻪ " ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﻌﺮ " ﻭ ﺟﺎﺀ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﺺ ﺣﻴﺚ ﺧﻠﺺ ﺇﻟﻰ ﺟﺪﺓ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ .... ﻭ ﺃﺳﻬﻢ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﻟﻠﺮﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻣﺘﻞ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻄﻒ ( ﺍﻻﺳﺘﺪﺭﺍﻙ) " ﻣﺜﻞ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻨﻬﺾ ".. ﻭ ﺍﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻭ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻻﺷﺎﺭﺓ ( ﻭ ﻫﻮ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺒﺤﻮﺭ .. ) ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﺗﺴﺎﻕ ﻭ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ ﺍﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺍﺗﺴﻤﺖ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﻄﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ .
ﺧﺘﺎﻣﺎ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺯﻛﻲ ﺍﻟﻌﺸﻤﺎﻭﻱ ﺍﻫﺘﻢ ﺑﺮﺻﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ ﻣﺒﺮﺯﺍ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ، ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻻﻳﻘﺎﻉ ،ﻭ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ، ﻭ ﺍﻟﻠﻐﺔ . ﻭ ﺃﻭﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﺘﺨﻠﻖ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻟﻌﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺣﻤﻠﺖ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺕ ﺍﻻﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ . ﻭ ﺑﻬﺬﺍ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﺮﺿﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺑﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺳﻴﺒﺮﺯ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮ .
ﻭ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﺠﺎﺟﻴﺔ ﻟﺘﻮﺿﻴﻊ ﻭ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻣﻌﺘﻤﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻭ ﻟﻐﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮﻳﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻗﺮﺑﺖ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻟﻠﻨﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ . ﻭ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻓﺈﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﺫ ﺟﺪﺩﺕ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﻋﻤﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭ ﺧﺮﻗﺖ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺸﻄﺮﻳﻦ ﻭ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ، ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺳﻞ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﺃﻣﺘﻪ . ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺯﻡ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻣﻀﺎﻣﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ .
ﻓﻬﻞ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺗﻜﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻡ ﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﻋﻠﻰ ﺁﻓﺎﻕ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ
