الوعي الكائن والوعي الممكن في قصيدة " سبتة " لأحمد المجاطي للكاتب إدريس الناقوري
تلاميذنا الأعزاء نقدم لكم تحليل رائع وممتاز لنص الوعي الكائن والوعي الممكن في قصيدة سبتة لأحمد المجاطي للكاتب إدريس الناقوري.
☆ الرصيد المعرفي حول المنهج الإجتماعي:
يعتبر المنهج الإجتماعي ذلك المنهج الذي يعمد إلى قراءة النصوص الأدبية وتحليلها من منظور مدى تعبيرها عن الوسط الإجتماعي الذي أنتج فيه،فالنص الأدبي يحمل بداخله أثار الجماعة أو المجتمع،ويعنى ويهتم بدراسة الأدب من الخارج،وقد تولد هذا المنهج من صلب المنهج التاريخي،حيث إستقى من منطلقاته وركائزه الأولى،وقد إستفاد من روافد ومصادر عدة كالفلسفة المادية والإشتراكية والواقعية وعلم اﻹجتماع وقد تطور هذا المنهج عبر مراحل عدة يمكن إجمالها في الأربعة الأساسية،فاﻷولى تبدأ بكتاب"مادام دوستايل"الأب في علاقته بالمؤسسات الإجتماعية والثانية هي مرحلة التيار الجدلي المثأثر بالواقعية اﻹشتراكية،والثالثة تتمثل في علم إجتماع الأدب وتتفرع إلى إتجاهين الأول علم إجتماع الظواهر الأدبية والثاني علم إجتماع اﻹبداع الفني،والمرحلة الرابعة هي مرحلة إجتماع النص ولهذا المنهج رواد في الغرب والعرب ومن رواده في الغرب نجد "لوسيان غولدمان"،"جورج لوكاتش"،و"إسكاربيت"وفي العرب نجد"محمد أمين" ويعد صاحب هذا النص الذي بين أيدينا من أبرز رواد هذا المنهح.
◇ دلالة العنوان ووضع الفرضية :
1- دلالة العنوان :
يتكون عنوان هذا النص من شقين أساسيين هما الوعي الكائن والوعي الممكن والشق الثاني قصيدة "سبنة" لأحمد المجاطي الشي الذي يوحي على البعد الواقعي للشاعر في مقاربته لمدينة سبتة المحتلة والذي يتجلى أساسا في رغبة الشاعر بتجاوز التصوير إلى التغيير نحو الأفضل أي تجاوز الوكن الكائن إلى الوعي الممكن ومعنى ذلك أن الشاعر ينظر إلى الخلاص والتغيير المرتقب نحو الأحسن بالنسبة لواقع المدينة المسلوبة.
2- فرضية النص :
انطلاقا من قراءتنا للعنوان وبعض المؤشرات الدالة مثل الشكل الهندسي للنص وبدايته ونهاينه نقترض أننا أمام نص نقدي يقارب فيه الناقد إدريس الناقوري قصيدة سبتة للناقد المغربي أحمد المجاطي مقاربة اجتماعية.
□□ الفهم
◇ تكثيف مضمون النص:
يشير الناقد في بداية النص إلى اهتمام الشاعر أحمد المجاطي بواقعه الإجتماعي في مقاربته لمدينة سبتى المحتلة والذي يتجلى أساسا في رغبة الشاعر بتجاوز التصوير إلى التغيير نحو الأفضل أي تجاوز الوعي الكائن إلى الوعي الممكن ومعنى ذلك أن الشاعر ينظر إلى الخلاص والتغيير المرتقب نحو الأحسن بالنسبة لواقع المدينة المسلوبة، حيث يربط الشاعر واقع المدينة الشمالية بواقع الوطن ككل، ورغم الوضعية التاريخية المأساوية التي تعيشها المدينة المسلوبة والمحاولات المتكررة والمجهضة في إنقاد المدينة فإن الشاعر لايفقض الأمل في الخلاص، وفي الأخير ينتهي الناقد بتقرير حقيقة عامة تتعلق بالبعد الواقعي في قصيدة سبتة للمجاطي، وتتجلى هذه الحقيقة بتجاوز التصوير إلى الرغبة في التغيير.
□□□ التحليل
لقد وظف الناقد في هذا النص منهج اجتماعي أثناء دراسته لقصيدة سبتة لأحمد المجاطي، وقد وظف لذلك مجموعة من المصطلاحات والمفاهيم المرتبطة بهذا المنهج وهما اللذان اصطلح عليهما لوسيان غولدمان بالوعي الكائن والوعي الممكن ويمكن أن نبرز ذلك من خلال الجدول الأتي:
● الوعي الكائن: الرؤيا المأساوية، تقرير لضرورة التغيير المفترض، المدينة المسلوبة، السيطرة والاستغلال، الموت، الحجز .
● الوعي الممكن: التحرير، التغيير، الوصول، المستقبل، الخلاص، الأمل، البشارة، الوصول القريب ، الجوهر التمين.
من خلال ملاحظتنا الألية لهذا الجدول نجد أن العلاقة القائمة بين هذه الحقول هي علاقة تنافر وتباعد وتضاد بين تصور الوعي الكائن وتصور الوعي الممكن بين التصور والتغيير.
□ الجانب المنهجي والأسلوبي في هذا النص:
- اعتمد الكاتب في بناء نصه هذا على منهج استنباطي، انطلق فيه من العام إلى الخاص فالعام يتجلى في اهتمام المجاطي بواقعه الإجتماعي ،أما الخاص فيتجلى في تحليل قصدة سبتة لأحمد المجاطي . وفي هذا السياق إعتمد على أساليب حجاجية إقناعية من قبيل أسلوب المثال و التعريف والمقارنة والوصف والشرح والتقسير والتمثيل وغيرها من الأساليب الحجاجية الأخرى ، وذلك لإقناع القارئ بنظريته وقد اعتمد الكاتب كذلك على روابط لفظية ومعنوية ساهمت في تماسك النص وانسجامه.
® خلاصة تركيبية
- إجمالا يمكن القول أن نص الوعي الكائن والوعي الممكن للناقد إدريس الناقوري مقاربة نقدية تحليلية عالج فيها قصيدة المجاطي بالبعد الواقعي والإجتماعي ومحاولة تجاوز التصوير إلى الرغبة في التغيير والخلاص المرتقب، هذا من حيث المضمون ، أما من حيث البناء فقد وظف الناقد مجموعة من المصطلاحات والألفاظ الدالة على المنهج الإجتماعي من قبيل الوعي الكائن والوعي الممكن، علاقة جدلية بين الأدب والواقع، وذلك من أجل فهم النص فهما سليما وقد استطاع الناقد أن يجعل المنهج الإجتماعي كرؤية نقدية قادرة على تحليل وفك مغلقات النص (قصيدة سبتة) كما أنه اعتمد كذلك في بناء نصه على التدرج والتسلسل موظفا اسلوبا استنباطي ولغة تقريرية مباشرة تهدف إلى إقناع المتلقي ، كما أن النص في مجمله جاء متماسكا ومنسجما بحيث كانت للروابط اللفظية والمعنوية وظيفة تنظيمية ودلالية ودورا هاما في هذا التناسق والإنسجام وبذلك يمثل النص نمودجا من نمادج المقالة النقدية بكل خصائصها الفنية ومقوماتها الموضوعية.