أمثلة من الواقع حول مفهوم الحق والعدالة من مجزوءة السياسة

أمثلة من الواقع حول مفهوم الحق والعدالة من مجزوءة السياسة


تلاميذنا الأعزاء نقدم لكم أمثلة من الواقع حول مفهوم الحق والعدالة كثاني مفهوم لمجزوءة السياسة،في الحصة السابقة قمنا بتقديم لكم أمثلة من الواقع حول أول مفهوم من هذه المجزوءة الذي هو مفهوم الدولة.، أما في حصة اليوم سنتطرق إن شاء الله لثاني مفهوم فيها الذي هو مفهوم الحق والعدالة بمحاوره الثلاث وهذه الأمثلة من الواقع تساعدكم في تدعيم أطروحة السؤال والقولة الفلسفية. 


أمثلة من الواقع حول مجزوءة السياسة

أمثلة من الواقع حول مفهوم الحق والعدالة من مجزوءة السياسة


◇مجزوءة السياسة

أهلاً بكم يا أصدقائي، اليوم سأقدم لكم أمثلة من الواقع حول مفهوم الحق والعدالة، وهو ثاني مفهوم أساسي في مجزوءة السياسة.
تذكرون درسنا السابق عن مفهوم الدولة؟
اليوم سنكمل الرحلة ونناقش مفهوم الحق والعدالة من خلال أمثلة واقعية.
استعدوا لرحلة مثيرة!

▪︎ مفهوم: الحق والعدالة

المحور الأول: الحق بين الطبيعي والوضعي

مصدر الحق يعود إلى ما هو طبيعي فطري غريزي (القوة):

مثال 1: أدولف هتلر
فما يجعل الحق قائماً على ما هو فطري طبيعي (حق القوة) الطبيعة الشريرة للإنسان والتي يجب معاملتها بالعنف والإكراه والقمع مادام أن الناس لا يستجيبون دائماً لمثل العدالة والقانون، وهو الأمر الذي لوحظ في السياسة النازية للألماني أدولف هتلر الذي اتخذ من العنف من خلال حزبه الواحد القومي الاشتراكي العمالي الألماني أسلوباً سياسياً لإدارة حكمه.
وقد امتد هذا الأسلوب إلى رجل السياسة الروسي «جوزيف ستالين» الملقب بالرجل الحديدي، وهي صفة للحاكم المستبد الذي جعل الحكم قائماً على ما هو قمعي دموي.

مثال 2: الطبيعة العدوانية للبشر
فالدولة إذا ما أرادت حماية حقوق الأفراد، فما على الحق إلا أن يتأسس على القوة نظراً للطبيعة العدوانية للبشر الميالة إلى زرع الفوضى.
لذا فالحاكم من حقه اللجوء إلى القوة لجم ذوي الطبيعة الخبيثة الذين يمكن أن يثيروا الفوضى والشغب وتهديد سلامة المواطنين داخل الدولة.
فهذه الأخيرة لا يمكن أن تبقى متفرجة، لذلك يمكنها اللجوء إلى القوة كوسيلة مشروعة من أجل تحقيق الأمن والسلم وإعادة الأمور إلى نصابها.

مصدر الحق يعود إلى ما هو إنساني ثقافي مكتسب (القانون):

مثال 1: الدول الأكثر ديمقراطية
فالدول الديمقراطية هدفها تأسيس الحق على ما يستجيب للقيم الإنسانية العليا من خلال إقامة المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية أو الدينية أو اللغوية أو الجنسية... كما تقوم أيضاً باستبعاد أنظمة الحكم الديكتاتورية.
ومن بين هذه الدول التي تحتل المراتب الأولى كأكثر الدول الديمقراطية احتراماً للقانون حسب إحصائيات 2017 نجد النرويج، آيسلندا، السويد، نيوزيلاندا.

مثال 2: دولة الحق والقانون
فدولة الحق والقانون مثلاً لا يحق لها تحت أي مبرر اللجوء إلى القوة مهما كانت الدواعي والظروف، وإنما إلى القانون الوضعي الذي يحفظ حرية وكرامة الأفراد وضمان استقرارهم.
وعليه فالنظام السياسي للدولة حينما يلجأ إلى العنف يفقد شرعيته أمام المواطنين، خصوصاً وأن أساس الحكم هو العدل، ولا عدل أمام ضياع كرامة الناس وتخويفهم وممارسة الإرهاب عليهم باسم القانون.

مثال 3: مستعمل الطريق
فالقانون الوضعي كقواعد عقلية يُمنع بموجبها الإنسان أن يفعل أي شيء يمكن أن يؤدي إلى تدمير حياته أو حياة غيره.
فمثلاً مستعمل الطريق قد يقول هذه سيارتي وهذه الطريق مفتوحة، يمكن أن أقود بأي سرعة أريد، ولكن يتدخل القانون ليحد من السرعة.
فلزمه، مثلاً في المجال الحضري ألا يتجاوز 60 كلم/ساعة، وفي منطقة أخرى السرعة المحدودة قد تكون 80 كلم/ساعة.
مما يعني أنه حتى وإن كانت السيارة سيارتك، ولك الحق أن تسافر متى شئت، ولكن مع احترام الضوابط القانونية لأن تجاوز السرعة المسموح بها معناه إلحاق الضرر بذاتك وبالآخرين.
القانون يحد من الحرية الطبيعية ويضعها في إطار يضمن التعايش وتحقيق الأمن والسلم المشترك.

▪︎ المحور الثاني: العدالة أساس الحق

القانون أساس العدالة:

مثال 1: التوحيد بين الحق والواجب
وللتأكيد على القانون كمصدر للعدالة يمكن القول أن ذلك لا يتحقق إلا من خلال التوحيد بين الحق والواجب.
فأنا كمواطن في إطار الدولة مثلاً علي القيام بمجموعة من الواجبات تجاه الدولة، وفي المقابل أتمتع بمجموعة من الحقوق يضمنها لي القانون.
فالعدل أن تؤدي واجباتك وأن تتمتع بحقوقك.
الإنسان الذي لا يؤدي واجباته ثم بعد ذلك يطالب بحقوقه فهذا ظلم، والفرد الذي أدى واجباته لكنه هضم في حقوقه فهذا ظلم أيضاً.
فالعدل إذن هو التوحيد بين الحقوق والواجبات.

مثال 2: مثال الأجير
فمثلاً عندما تُطالب أجيراً على أن يقوم لك بعمل، فهذا يتطلب تعاقداً واتفاقاً على طبيعة العمل مقابل أجر معين.
فلو أدى عمله وفي نهاية اليوم لم تقدم له أجره، فسيكون هذا ظلماً في حق الأجير، ولكن إذا لم ينجز واجباته والتزاماته المتعاقد حولها وفي الأخير يطالب بالأجرة فهذا ظلم أيضاً.
فالعدل إذن أن يؤدي واجباته وأن يستفيد من حقوقه التي يضمنها له التعاقد الذي كان بين الطرفين والذي يمثل قانوناً في هذه الحالة.

مثال 3: الشعب كمصدر لتشريع القوانين
فأن يكون القانون مصدر للعدالة، فهذا يتطلب أن يكون المواطنون مصدر التشريع (سيادة الشعب).
فليس من حق أي كان في الدولة أن يكون هو مصدر القانون.
فليست هناك جهة أو مجلس أو فرد مهما كان انتماؤه أو مكانته داخل الدولة من حقه أن يسن القوانين ويضع التشريعات.
فوحدهم المواطنون يملكون إمكانية التشريع من خلال المجالس المنتخبة ومن خلال التمثيليات.

العدالة لا تتأسس على القانون بل على الطبيعة الخيرة للإنسان:

مثال 1: قانون لابارطاي
وللتأكيد على أن الكثير من القوانين في العالم لا تجسد العدل، نقدم مثال قانون لابارطاي كقانون للميز العنصري في جنوب أفريقيا.
فأقل ما يقال عنه قانون ظالم، إنه يقوم على أساس الميز بين المواطنين على أساس اللون، فذوي البشرة السوداء لا يمكن لهم أن يحتلوا مناصب سامية في الدولة وأن ذوي البشرة البيضاء يمنعون قانونياً الاشتغال في وظائف محتقرة أو مهن متدنية.
فهذا القانون يميز بين المواطنين على أساس البشرة وبالتالي فهو قانون ظالم وليس بعادل.

حجة 2: الاستشهاد - ماركوس شيشرون
"لا يوجد عبث أكبر من الاعتقاد بأن كل ما هو منظم بواسطة المؤسسات أو قوانين الشعوب عادل".

مثال 3: مثال قانون بريمر
بعد الاجتياح الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين، كان أول حاكم للبلاد بريمر كقائد عسكري.
سن قانوناً عرف باسمه (قانون بريمر) فبموجبه منع كل المحاكم العراقية متابعة الجنود الأمريكيين.
فهؤلاء مهما قاموا بمخالفات كيفما كان جرمها وفداحتها (اغتصابات، سرقات، قتل، انتهاك الحرمات)، فليس من حق المحاكم العراقية متابعتهم لأن ذلك ليس من اختصاصاتهم حسب القانون المذكور.

حجة 4: مثال قوانين الاستعمار
عندما تستعمر دولة دولة أخرى، فإنها تضع مجموعة من القوانين وتفرضها ويحتكم الناس إليها قهراً.
فهذه القوانين لا تجسد العدل مادامت أنها قوانين يضعها المستعمر لخدمة مصالحه الخاصة (نهب الموارد الطبيعية وفرض السلطة والتبعية).

العدل قائم على الحرية والإرادة والقصدية والاختيار:

مثال 1: رجل الأمن أو الجندي
فالعدالة تقوم على الحرية والقصدية والاختيار، فالفرد الذي لا يقصد هدفاً محدداً في فعله لا يمكن وصفه بالعادل ولا بالظالم.
مثال ذلك رجل أمن يأتيه القرار من رئيسه بالتدخل من أجل فض مظاهرة.
في هذه الحالة فهو مجرد منفذ للأوامر والتعليمات، وبالتالي فحتى وإن مارس العنف والقتل، فلا يمكن اعتباره هو من ارتكب الظلم والجرم، وإنما المسؤول المباشر عنه الذي أصدر الأوامر، فهو الذي يتابع قانونياً.
وهذا ما نعرفه اليوم فيما يسمى بجرائم الحرب، فالجندي أو العسكري الذي يمارس الحرب والقتل لا يتابع قانونياً، بل يتابع المسؤول المباشر أو القائد الأعلى الذي أصدر الأوامر بممارسة العنف.

مثال 2: مثال النظام الديمقراطي
ففي نظام استبدادي يفتقر فيه الناس إلى الحرية لا يمكن الحديث عن العدالة.
فالاستبداد بعينه غياب للحرية والاختيار إذاً لا يمكن التحدث عن العدل.
فلا يكون العدل له معنى إلا في إطار نظام ديمقراطي يتمتع فيه الناس بحرياتهم كاملة وبحقوقهم.
وفي ذلك الإطار فقط يمكن الحديث عن العدل أو الظلم، أما في غيره فهو قهر للناس ولحقوقهم.

المحور الثالث: العدالة بين المساواة والإنصاف

العدالة مساواة تامة بين الناس:

مثال 1: مثال العقد المبرم بين شخص يقظ والآخر مخمور
العقد التجاري الذي يفتقد إلى المساواة يفتقد بالضرورة إلى العدالة.
إذ يمكن اعتبار الصفقة التجارية التي أبرمها رجل مخمور مع رجل يقظ (في كامل وعيه) صفقة غير عادلة، نظراً لغياب المساواة بين المتعاقدين من حيث الوعي بالعقد، مما يعني أن جوهر العدالة يكمن في المساواة المطلقة.

مثال 2: مثال التجربة الاشتراكية
هذا المبدأ رفعته الكثير من الحركات النضالية كمطلب حقوقي إيديولوجي، خصوصاً التجربة الاشتراكية التي سعت إلى تحقيق المساواة الطبقية من خلال توحيد الأجور وتقزيم الملكية الخاصة وتجريد البورجوازيين منها من أجل تحقيق المساواة التامة بين المواطنين.

مثال 3: مثال قيمة السلعة
العقد التجاري المبرم ما بين شخص يعرف قيمة السلعة كأن تكون كتاباً نادراً أو لوحة رسام مشهور مثلاً، في حين أن الآخر جاهل بقيمتها، عقد غير عادل، نظراً لغياب المساواة بين المتعاقدين من حيث الوعي بقيمة السلعة.
مما يعني أن هذا السعر هو سعر فرصة لأنه لا يضمن التكافؤ بين الطرفين.

مثال 4: مثال القانون العادل
ذلك لا يتحقق إلا حينما يكون القانون ضامناً للمساواة التامة بين المواطنين.
فلا محاباة ولا تفاضل ولا تراتب كيفما كان نوعها، سواء على مستوى اللغة أو الجنس أو السن أو المكانة أو اعتبارات أخرى.
بل ينبغي أن يعامل القانون الناس بشكل متساو، فكما يقول مونتسكيو: «ينبغي أن نكون متساوون أمام القانون كما نحن متساوون أمام الموت».

العدالة إنصاف - المجهود والكفاءة:

مثال 1: مثال المجتمعات الرأسمالية
هذا المبدأ تجسيد واضح للمجتمعات الرأسمالية التي اتخذت من الكفاءة أساساً لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تقدير وتثمين كل مجهود وكل إضافة وكل إبداع.
فالذي يشتغل مثلاً في مصنع 12 ساعة لا ينبغي أن نساويه بالذي يشتغل 8 ساعات.
والذي يأخذ موقعاً متميزاً ودقيقاً وحساساً في شركة معينة ليس هو الذي يشتغل شغلاً ثانوياً أو إضافياً.
لهذا فمن المنصف ألا نساويهم من حيث الأجور مثلاً، وإنما ينبغي أن نثمن مجهود كل موظف وأن نقدره بحسب ما يبذل من مجهودات.

مثال 2: مثال عدالة الأستاذ مع تلاميذه
فالعدالة كإنصاف لا يمكن أن تتحقق إلا حينما نعطي لكل ذي حق حقه امتثالاً إلى مجهوده المبذول.
كمثال على ذلك، فالعدالة بين صفوف التلاميذ لا يمكن أن تتحقق إلا حينما يكون الأستاذ منصفاً، وذلك بأن يوزع على صفوف التلاميذ النقط التي يستحقونها استناداً إلى مجهود عملهم.
فلا يمكن مثلاً أن نساوي بين تلميذ مجتهد وآخر متكاسل، فإذا كان الأمر كذلك فلن يجتهد المجتهد ولن يبدع ولن يتعب ذاته إذا كان في الأخير سيحوز على نفس مقدار المتكاسل.

خاتمة تفاعلية

وهكذا أصدقائي، نكون قد استعرضنا معاً أمثلة من الواقع حول مفهوم الحق والعدالة من مجزوءة السياسة بكل تفاصيلها وأمثلتها الواقعية. 🌟

سؤال للتفكير والتفاعل:
ما هو المثال الذي وجدتموه الأقوى من وجهة نظركم؟ وهل ترون أن العدالة قائمة دائماً على القانون أم على طبيعة الإنسان الخيرة؟

💬 ننتظر آرائكم في التعليقات لتبادل الأفكار مع باقي التلاميذ.

📌 ولا تنسوا الاشتراك في مدونتنا ليصلكم كل جديد من مقالات، شروحات، وأمثلة مفيدة تساعدكم على النجاح في البكالوريا.

للاطلاع على أمثلة من الواقع حول مجزوءة الوضع البشري، يمكنكم زيارة هذا الرابط: أمثلة من الواقع حول الوضع البشري

مدونة "نديروا اليد فاليد من أجل الحصول على البكالوريا" تتمنى لكم كل التوفيق والنجاح، ودائماً معنا تكون المعرفة أقرب وأسهل! ✨



 عماد الدين زهير
عماد الدين زهير
من هو عماد الدين؟عماد الدين، مدون مغربي ومؤسس موقع نديروا اليد فاليد من أجل الحصول على البكالوريا، حاصل على شهادة البكالوريا في شعبة الآداب والعلوم الإنسانية سنة 2015، كما نال شهادة الإجازة في القانون الخاص.جاءت فكرة تأسيس هذا الموقع من إيماني العميق بأهمية التضامن المعرفي، وسعيًا لمد يد العون لتلاميذ البكالوريا، عبر تقديم محتوى تعليمي يُسهم في تمكينهم من النجاح والتفوق الدراسي.
تعليقات