تحليل رائع للسؤال الفلسفي هل يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ؟

تحليل سؤال فلسفي هل يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ؟



نقدم لكم تلاميذنا الأعزاء تحليل رائع وجميل للسؤال للفلسفي :
هل يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ؟

إن التفكير في مسألة  الوضع البشري هو تفكير في الأساس في وضع الإنسان داخل هذا العالم وكذلك في الشروط والعوامل المتحكمة في بناء هدا الوضع وحيت نتحدت عن طبيعة الوضع البشري فإن خاصيتة المميزة هي التفاعل المستمر القائم بين الإنسان المنظور إليه كشخص له هوية ووجود واقعي والإنسان كغير أي كذات مقابلة للأنا تشاركها الوجود وتختلف معها في الانتماء التقافي والديني وهذا التفاعل لايكون خارج الزمان بل داخله وهذا مايفسر أن الإنسان كائن تاريخي بامتياز يدرك الأزمنة التي يعيشها ويسعي لكتابة تاريخه كجزء من ماضيه. 

والسؤال قيد الدراسة يحيلنا على مفهوم التاريخ وبالأخص يعالج قضية المعرفة التاريخية ، في حين أن مضمون هذا السؤال الفلسفي عرف عدة مقاربات ومفارقات فلسفية جعلت البعض من الفلاسفة يرون على أنه  يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ، وخاصة إن تم اعتماد منهج مضبوط وصارم ودقيقة وعلى عكسهم يرى البعض الأخر على أن معرفة التاريخ ليست علمية وإنما هي مجرد السرد والحكي والنقل دون تبصر ودون تحقيق. من خلال هذه المفارقة نستنتج مجموعة من الإشكالات من قبيل: مالتاريخ ؟ وما المعرفة؟ وهل يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ؟ بتعبير آخر، هل يمكن بناء معرفة دقيقة وموضوعية حول الماضي الإنساني أم أن المعرفة بالتاريخ لا يمكن أن تكون معرفة علمية وتبقى مجرد معرفة ذاتية غير دقيقة وغير يقينية؟

إن التحليل يجب اعتماده كبنية ممنهجة لمعرفة جوهر الأشياء، وبهذا فإن تحليل ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍلذي بين أيدينا ﻳﻘﺘﻀﻲ منا ﺍﻻﻣﺮ ﺍﻟﺤسم ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﻭﺍﻻﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻤﺆﺛﺜﺔ ﻟﺒﻨﻴﺘﻪ ، فهل  أداة غالبا ما تقرن بين قضيتين اثنتين أو اجابتين مختلفتين فتحتمل بذلك الصدق أو الكذب ، كما أنها تحيل على أطروحة فلسفية مصرح بها، وأخرى ضمنية،  في حين يقصد بالتاريخ مجموع الوقائع والأحداث التي وقعت في الماضي، والتي تشكل الأساس الذي يقوم عليه الحاضر ويسمح باستشراف المستقبل
أما لفظ المعرفة فهي يشير إلا العلمية الفكرية التي يتم من خلالها إدراك الذات العارفة لموضوع المعرفة، وتكون المعرفة علمية إن هي قامت على مناهج وقواعد مضبوطة، وأيضا كانت معرفة موضوعية، وكانت معرفة يقينية ودقيقة
في حين تظهر العلاقة التي تجمع بين هذه المفاهيم في كونها علاقة ترابط وانسجام لأن التاريخ يمكن معرفتة معرفة علمية ودقيقة إن قام على مناهج وقواعد مضبوطة

إذن من خلال تحليل عبارات السؤال  إتضح لي  أنه يتضمن أطروحة مفترضة مفادها  أنه يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ، وخاصة إن تم اعتماد منهج مضبوط وصارم ودقيقة، وأيضا إن تم اعتماد التحقيق والتعليل، بدل الاعتماد على مجرد النقل والسرد والحكي. ولتوضيح هذا القول، يمكن أن نستحضر تعريف المؤرخ الفرنسي هنري إنري مارو للتاريخ، حيث عرفه بقوله: “التاريخ هو المعرفة العلمية بالماضي الإنساني”، وهنا يتضح لنا كيف أن هنري إنري مارو، يقول بإمكانية بناء معرفة علمية بالتاريخ. وفي السياق ذاته، يحدثنا هنري مارو عن ما يجعل المعرفة التاريخية معرفة علمية، حيث يرى أن التاريخ ليس سردا أو حكيا للماضي الإنساني، كما أنه ليس عملا أدبيا. إضافة إلى ذلك يؤكد أن الذي يجعل التاريخ علميا، ويجعل المعرفة التاريخية معرفة علمية، هو عدم تضمنها لما هو أسطوري، أو لما هو طوباوي ولاواقعي،ولكي تكون المعرفة التاريخية معرفة علمية، يجب على المؤرخ أن يعتمد منهجا صارما يخلص المعرفة بالتاريخ من كل ما لا يعتبر تاريخيا.

 تكمن قيمة مضمون هذا السؤال الفلسفي في كونه دافع  على   أنه يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ، وخاصة إن تم اعتماد منهج مضبوط وصارم ودقيقة، وأيضا إن تم اعتماد التحقيق والتعليل وقد أبرز مجموعة من الفلاسفة حججا واستدلالات واستشهادات لتعزيز هذا الطرح وإعطاءه قوة وقيمة ومناعة فلسفية ومن هؤولاء الفلاسفة عبد الرحمان بن خلدون، والذي يؤكد أن المعرفة التاريخية يمكن أن تكون معرفة العلمية، وخاصة التي ليست مجرد رواية وسرد للأخبار ، والتي تعتمد  النظر العقلي والتحقيق والتعليل والعلم بالكيفيات والأسباب. وفي ذلك يميز ابن خلدون بين ظاهر التاريخ وباطنه، من حيث أنه في باطنه ما هو إلا نقل للأخبار، أما في باطنه فهو نظر (عقلي) وتحقيق، وتعليل، وعلم بكيفية حدوث الوقائع، ويتبين أن ابن خلدون ينتصر لباطن التاريخ، لأنه هو ما يجعل منه علما.

إن الفلسفة لاتؤمن بالكمال فلا بد لنا أن نخضع لمجهر الفلسفة لذا فإن هذا التصور ليس كامل ويستحق النقض ويستحق المراجعة ويستحق أن تكون لديه ماهية نقدية من طرف الفلسفة لذا فمجموعة من الفلاسفة قد عارضو التصور السابق وأبرزوا مجموعة من الحجج التي بينت نقاط ضعف التصور الأول،ومن هؤولاء الفلاسفة ريمون أرون الذي يؤكد على أن المعرفة التاريخية هي معرفة نسبية. لأنها لا يمكن أن تدرك الماضي بصفة نهائية مادام أنه لاوجود لماض خالص، فكل ماضي هو ماض مستحضر ومعرفته لا تتأتى إلا عبر البحث و التنقيب و التحقيق. كما أن المعرفة التلقائية التي نعرفها بطريقة مباشرة هي سمة أساسية لواقعنا الذي نعيش فيه، بحكم أننا نفهم جميع دلالاته. في حين أن المجتمعات التي عاشت قبلنا لا يتسنى لنا أن نعرف دلالاتها دون توسط منهج المؤرخ و بدلك تنعدم شروط المعرفة التلقائية بها ، بالإضافة إلى كون تجربتنا في الماضي لايمكن أن تكون هي تجربتنا في الحاضر. وانطلاقا من ذلك فالمعرفة هي إعادة بناء لما كان موجودا ولم يعد وهي عملية تخص زمانا و مكانا محددين.

ومن هنا نجد أن هذه القظية الفلسفية تجعل منه محطة نقاش وحوار وبحت فلسفي إلى يومنا هذا.

إجمالا يمكن القول أن  موضوع  المعرفة التاريخية إشتمل أطروحة مفترضة مفادها  أنه يمكن بناء معرفة علمية بالتاريخ، وخاصة إن تم اعتماد منهج مضبوط وصارم ودقيق وهاته الأطروحة عرفت  تجادبا فلسفيا تمثل في أن البعض من الفلاسفة يرون بأن  فالمعرفة التاريخية هي معرفة علمية مبنية تتشكل تبعا لمنهج علمي دقيق وصارم يمثل العامل الأنجع لبلوغ الحقيقة وعلى عكسهم يرى البعض الأخر على  أن التاريخ ليس علما من العلوم الإنسانية. فما هو إلا معرفة نظرية تتأرجح بين الرواية والإيديولوجيا لأن المؤرخ لايعتمد على منهج علمي واحد فتارة يكون عالما لغويا وتارة عالما في الاقتصاد أو السوسيولوجيا ....ومن هنا يمكنه الحصول على معرفة نسبية يشوبها اللبس و الإبهام وبالتالي فالمعرفة التاريخية ليست معرفة علمية يقينية . 

ومن وجهتي نظري أرى أنه يمكن بناء معرفة علمية بالتاريح إن اعتمد الباحث في دراسته على منهج مضبوط وصارم.
ومن هنا فإن الفلسفة أصلها السؤال لذالك سننهي بسؤال يفتح لنا بابا أخرا من التأملي الفلسفي دو ابعاد مختلفة كيف يسير التاريخ؟ هل بشكل خطي متصل وتراكمي، أم على شكل طفرات وقفزات

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-